ثمرة الصدق في الدنيا والآخرة

 

من معالم الشخصية الإسلامية الصدق ، فهو منبت المكارم‏,‏ وأس الفضائل‏,‏ وفي ظلاله تحيا الحقيقة‏,‏ وتشرق العدالة‏,‏ وتطمئن الحياة‏,‏ فالإنسان الصادق‏,‏ شخصيته محبوبة‏,‏ وحديثه مرغوب‏,‏ ولكلمته وزنها واحترامها عند الناس‏,‏ ولشهادته مكانتها وقبولها عند الحكم والقضاء وقد نادي الله تعالي عباده المؤمنين‏,‏ وأمرهم بتقواه‏,‏ وأن يكونوا مع الصادقين‏:‏ ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ[ (التوبة:119)  لا يصف القرآن شخصية الإنسان بالصدق إلا إذا استكمل كل مراتبه من القول والفعل والنية‏,‏ وحقق الإيمان الصادق الذي لا ارتياب معه‏,‏ والجهاد الصادق الذي لا يضن فيه بالمال أو النفس قال تعالي‏:‏] إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ[ (الحجرات:15)  ولا يكفي الصدق في القول أو الفعل دون تحققه في النية‏,‏ إنما الأعمال بالنيات‏,‏ وإذا نظرنا إلي المنافقين الذين قالوا بأفواههم ما ليس في قلوبهم‏,‏ وأظهروا خلاف ما أبطنوا‏,‏ لوجدنا أنهم قالوا لرسول الله صلي الله عليه وسلم‏:‏ نشهد أنك لرسول الله وهذا القول صدق في الواقع ونفس الأمر ولكن لأن نيتهم غير صادقة ولأن قلوبهم غير مؤمنة كذبهم الله في قولهم هذا لأن منهم لا يتجاوز الحلق فقط قال سبحانه‏:‏ ] إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [ (المنافقون:1) والصدق ينير للمسلم طريق البر فإذا به يسلك مسلك الأبرار‏,‏ والبر يهديه إلي الجنة وعلي العكس من ذلك يكون الكذب الذي يؤدي إلي الفجور ثم إلي النار‏,‏ ولكن الإنسان الذي يقيم بناء شخصيته علي الصدق‏,‏ لابد له من غرس هذا الخلق في أعماقه وأن يتحراه في سلوكه ليثبت في نفسه‏,‏ ويلتحم بطبيعته‏,‏ ومن هنا يغدو تكوينه الأخلاقي‏,‏ صادقا في كل ما يصدر عنه‏,‏ عن عبدالله بن مسعود عن النبي صلي الله عليه وسلم قال‏:‏   عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلي البر‏,‏ وإن البر يهدي إلي الجنة‏,‏ وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب‏,‏ فإن الكذب يهدي إلي الفجور‏,‏ وإن الفجور يهدي إلي النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب‏,‏ حتى يكتب عند الله كذابا البخاري ومسلم‏) وإذا كانت ثمرة الصدق في الآخرة هي الجنة‏,‏ فأن ثمرته في الدنيا هي الطمأنينة‏,‏ فالإنسان الصادق يطمئن لنفسه وإلي الناس‏,‏ كما أن الناس يطمئنون إليه‏,‏ وإلي ما يلقيه من خير0