أخلاق القرآن في السيرة النبوية
الطريق إلي الحضارة الإسلامية سهل

 

ونحن نحتفل بذكري مولد النبي صلي الله عليه وسلم يدرك كل مسلم البعد الكبير بين حال الأمة في عصرنا وما كانت عليه في عهده صلي الله عليه وسلم ومن بعده بخمسة قرون فلا يجد ما يستطيع المقارنة فيه.

ويصبح السؤال: إذا كانت الأمة قد استطاعت أن تقيم حضارة من أعظم الحضارات وأطولها وجعلت للقيم الإنسانية والأخوة البشرية مكانة متميزة في سلمها وقاست علي هذه المكانة كل تقدم ورقي فما الذي يعوق المسلمين أن يعودوا إلي مكانتهم أو أن يحققوا علي الأقل ما يمنع الآخرين عنهم ويجبرهم علي التزامهم والحقيقة التي تأكدت يوما بعد يوم وسنة بعد سنة أنه لا رقي ولا خروج مما نحن فيه إلا بالعودة إلي هدي نبينا الكريم نتأسى بأخلاقه ونسير علي منهجه ولكن كيف يتحقق لنا هذا..؟

الدكتور علوي أمين الأستاذ بجامعة الأزهر يلخص المنهج للعودة إلي حالة الأمة الأولي وإلي التأسي بمنهج الرسول في مقولة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن أخلاق الرسول فقالت للسائل: ألست تقرأ القرآن.

قال: بلي. قالت "كان خلقه القرآن" وهي مقولة شاملة جامعة لأن القرآن إذا تأملناه نجده يقوم علي مرتكزات أربعة هي: وصف الكون وما به من أسرار وقوي طبيعية. ثم قصص السابقين ثم حديث عن اليوم الحاضر والمستقبل وما فيه من مسئوليات وأعباء ثم حديث عن الآخرة والحساب.

أما وصف الكون فقد كان الرسول صلي الله عليه وسلم منفعلا بحكمة الله وعظمته في الكون وقد عرف الله عن طريق آثاره في كونه والقرآن مليء بهذه الآثار يقول الله تعالي: الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فتري الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون" ويقول تعالي "الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن الله لذو فضل علي الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون".

ويذكر الدكتور علوي أن شعور النبي بالكون وبآيات الله فيه كان شعورا عاليا فقد كان إذا أصبح قال أصبحنا وأصبح الملك لله والحمد لله ولا شريك له لا إله إلا هو وإليه النشور وإذا أمسي قال أمسينا وأمسي الملك لله والحمد لله لا شريك له لا إله إلا هو وإليه المصير" فإذا ظهر الهلال قال: اللهم أهله علينا هلال يمن وبركة اللهم أهله علينا بالإيمان والسلام والإسلام ربي وربك الله" فإذا نزل المطر تعرض له ودعا الله بما يشاء ولما سئل عن ذلك قال لأنه حديث عهد بربه. وإذا رأي الريح قال: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به" وهكذا فقد كان شعوره بالكون شعورا عاليًا ومن كان كذلك اجتهد في تأملاته ووصل إلي أسراره.

الأمم الماضية

أما.. ما في القرآن من حديث عن الأمم الماضية التي ظهرت وعلت وبادت وهي أمور تعلمنا أن التعمير يكون بالإيمان والضياع يكون بالفجور كما أن الإنسان يكمل الذي قبله كما يقول الدكتور علوي ولكي يحدث هذا لابد من معرفة تاريخ السابقون سواء في ذلك العصاة والأمم الظالمة وكذلك الأمم المؤمنة والنبيون والرسل السابقون ومن عرف ماضيه عمل لحاضره ومن عمل لحاضره أمن علي مستقبله.

الدكتور طه خضير الأستاذ بجامعة الأزهر يري أن الطريق سهل ووسائل النجاح موجودة لكننا نتعامي عنها وتغرينا طرق الآخرين ووسائلهم ونتصور أننا يمكن أن نحقق خيرا إذا سلكنا مسالكهم رغم تحذير الرسول لنا وإشارته إلي أننا سيأتي علينا زمان نسير خلف الآخرين أينما ساروا حتي لو دخلوا جحر ضب لدخل المسلمون معهم وهو أمر نراه يتحقق.
ويضيف الدكتور طه قائلا: إنه قد تأكد علي مر عشرات السنين أنه لن يصلح آخر الأمة إلا بما صلح به أولها ولدينا رسولنا ترك لنا من أقواله وأفعاله ما نستطيع به أن نسير كما سار هو وصحابته في كل صغيرة وكبيرة كما أنه قال ذلك حين حاول طمأنة المسلمين من بعده فقال: تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله وسنتي.