لا تأكلوا أموالكم بالباطل
بقلم الشيخ : محمود عبدالحفيظ مفتش مساجد بسوهاج
قال الله تعالي :
] وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ
النَّاسِ بِالأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[ (البقرة:188)
قال ابن عباس هذا في الرجل يكون عليه مال وليس عليه فيه بينة فيجحد المال ويخاصم إلي الحكام وهو يعرف أن الحق عليه وهو يعلم أنه آثم آكل الحرام وفي مختصر ابن كثير أيضا روي عن مجاهد وعكرمة وقتاده أنهم قالوا :
" لا تخاصم وأنت تعلم أنك ظالم " وقد ورد في الصحيحين عن أم سلمة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:
" ألا إنما أنا بشر وإنما يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من نار فليحملها أو ليذرها"
فدلت هذه الآية الكريمة وهذا الحديث علي أن حكم الحاكم لا يغير الشيء في نفس الأمر
فلا يحل في نفس الأمر حراما هو حرام ولا يحرم حلالاً هو حلال وإنما هو ملزم في
الظاهر فإن طابق في نفس الأمر فذاك وإلا فللحاكم أجره وعلي المحتال وزره..
ولهذا قال تعالي
] وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [ (البقرة:188)
أي تعلمون بطلان ما تدعونه وتروجونه في كلامكم.
وعلي الإنسان أن يكون طامعا في عطاء الله وكرمه لا طامعا مما في أيدي الناس حديث روي إسماعيل بن محمد عن أبيه عن جده رضي الله عنهم أجمعين أن رجلا أتي النبي صلي الله عليه وسلم فقال : " يا رسول الله أوصني وأوجز"
فقال : " عليك باليأس مما في أيدي الناس فإنه الغني وإياك والطمع فإنه الفقر الحاضر
وصل صلاتك وآنت مودع وإياك وما يعتذر منه "
صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم. رواه الحاكم والبيهقي في كتاب الزهد
وقال الحاكم صحيح الإسناد.
فكن أخ الإسلام هذا الرجل" الذي قال لرسول الله صلي الله عليه وسلم كما عرفت أوصني فقال له ولجميع أحبابه الذين يرجون لهم العزة والكرامة بين الناس حتى يتحقق الأيمان فيهم كما جاء في قوله تعالي :
] وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [ (المنافقون:8)
عليك باليأس مما في أيدي الناس فإنه الغني. أي إذا أردت أن تكون غنيا عن الناس لا تمدن عينيك إلى ما في أيديهم من حطام أو طعام لأن الناس عادة لا يحبون غير الذي لا ينازعهم فيما في أيديهم وقد أكد الرسول صلي الله عليه وسلم هذا المعني الواضح في حديث شريف روي عن العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله تعالي
عنه قال جاء رجل إلى النبي صلي الله عليه وسلم فقال :
" يا رسول الله دلني علي عمل إذا عملته احبني الله واحبني الناس ؟ "
فقال صلوات الله وسلامة عليه :
" ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس".
صدق رسول الله صلي الله عليه وس