قلب المؤمن
القلب هو مناط العمل في الإسلام فهو المضغة التي أن صلحت صلح باقي الجسد وان فسدت فسد باقي الجسد وهو مهبط الأسرار ومحل الأنوار. بل هو مقياس زيادة الأيمان ونقصانه سبق به المفردون وتأخر به الذين غلبت عليهم أهواؤهم.
والأيمان هو تصديق بالقلب قبل اللسان الذي يترجم ويحكي عن حال صاحبه فما فاض إناء إلا إذا امتلأ فالذين قالوا آمنا بأفواههم لكن لم تؤمن قلوبهم كانوا من المخلفين كما وصفهم القرآن.
سبق أبو بكر القوم حتى لو وزن إيمانهم بإيمانه لوزنهم. وما سبق بكثرة صيام ولا طول صلاة وإنما بشيء وقر في قلبه. فالله قد أطلع علي قلوب عباده فعلم ما فيها من رقة كقلوب الطير.
فطمأنهم علي إيمانهم وأن أي عمل يعملونه وان خالف الحق في ظاهره إلا أن الأيمان الهادر في القلب تمحو شلالاته ما علق بطريق الحق من غبار. فالذين اكرهوا علي الكفر لاحرج علي ألفاظهم طالما كان وراءها قلب مطمئن بالأيمان.
قلبك هو دارك فكن عليها حارسا يقظا ولا تترك للسارقين فرصة. حتى لا ينقضوا عليها فيحدثوا فيها تلفا. ورأب الصدع يحتاج زمنا وزمانك هو عمرك وهو عليك محسوب وفواته غير مطلوب. فما ندم أهل الجنة إلا علي ساعة لم يذكروا الله فيها.
وأهل النار يتمنون لو رجعوا إلى الوقت الذي ضيعوه والعمر الذي فرطوا فيه ليصلحوا ما أحدثه السارقون في دارهم لكنهم لو رودوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون.
أطمئن أهل الغفلة لقلوبهم ولو تعلموا الدرس لدعوا بدعاء نبيهم حين كان يكثر من قوله "يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا علي دينك" ويسأل عن إكثاره من تكرار هذا القول فيجيب. القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء فقد يمسي الرجل مؤمنا ويصبح كافرا وقد يصبح كافرا ويمسي مؤمنا.