التفكير في ألاء الله

 

 الدكتور
محمد إبراهيم الجيوشي


جاءت الأحاديث بالنهي عن التفكر في ذات الله سبحانه والتوجيه بالتفكير في نعمه علي العباد وآلائه علي الخلق، ومن ذلك قول النبي صلي الله عليه وسلم: 'تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في ذاته فتهلكوا' وذلك لأن التفكير في ذات الله يؤدي بالمرء إلي أن يتصور الله في صورة لا تليق بذاته العلية، سبحانه وهذا هو سر النهي الذي جاء به الحديث، وأيضا لأن العقل البشري قاصر عن تصور ذات الله سبحانه وقد يشير إلي هذا العجز الإنساني قول الله تعالي

: 'لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير'.

أما التفكر في آلاء الله ونعمه علي عباده فتجعل المرء يدرك مدي الرعاية والعناية التي أحاط بها الإنسان في الأرض وفي السماء، وفي نفس الإنسان ذاته مما يجعله يدرك مدي عظمة الخالق سبحانه وقدرته ورحمته بعباده. وحينما نستعرض القرآن الكريم نجد أن الله سبحانه حينما يريد أن يوجه البشرية إلي إخلاص العبادة لله وحده يلفت انتباههم إلي ما خلق لهم، وما أحاطهم به من نعم تجعل الحياة ميسرة سهلة لهم من مثل قوله تعالي :

أفلم ينظروا إلي السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج يهيج تبصرة وذكري لكل عبد منيب، ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج” وقد وجهنا القرآن الكريم إلي أن التفكير في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار سبيل إلي أدراك حكمة الله تعالي وتدبيره كما تقول آيات من سورة آل عمران: 'إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلي جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار'. ومنهج القرآن يعرض صورا من نعم الله تجعل العقل يدرك مدي قدرة الخالق وعظمته، وهكذا إذا أراد المرء أن يتفكر فليكن تفكيره فيما خلق الله له من نعم حتى ينجو ولا يضل ويشكره سبحانه علي نعمه وآلائه: 'قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلي يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون، قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلي يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون، ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون'.