سورة الضحى

سبب النزول :
حدثنا سفيان عن الأسود بن قيس قال سمعت جندبا يقول اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقيم ليلة أو ليلتين فأتت امرأة فقالت يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فانزل الله عز وجل :
 وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)  رواه البخاري 0
والمرآة هي أم جميل زوجة أبى لهب عم الرسول .حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه قال : أبطأ جبريل علي النبي صلى الله عليه وسلم فجزع جزعا شديدا فقالت خديجة أني أرى ربك قد قلاك مما نرى من جزعك قال :
" فانزل الله ) والضحى .. السورة ) "
ولم تقل خديجة ما قالته إلا على وجه التأسف و التحزن والله اعلم.
وقد قال بعض السلف منهم ابن اسحق أن هذه السورة هي التي أوحاها جبريل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حين تبدى له في صورته التي خلقه الله عليها وهو بالابطح  فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى  (لنجم:10) قال العوفي عن ابن عباس لما نزل القران على رسول الله أبطأ جبريل عن الرسول فتغير لذلك فقال المشركون لقد ودعه ربه وقلاه فانزل الله تعالى :
 مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (الضحى:3)

 شرح المفردات

 والضحى :
الواو : واو القسم
الضحى : وقت طلوع الشمس وصفاء ضوئها
سجى : سكن واظلم
ما ودعك : ما تركك
قلى : كره وبغض
وو جدك ضالا فهدى : أي لم تكن تعلم ما الكتاب وما الأيمان حتى أنزلناه عليك
عائلا : فقير
أما اليتيم فلا تقهر : لا تذل اليتيم ولا تنهره ولا تهنه
أما السائل فلا تنهر : لا تكن جبارا متكبر ولا فظا على الضعفاء
التفسير :
 وَالضُّحَى(1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى(2) :
قسم من الله سبحانه وتعالى ،وفيه تشبيه جميل من الله حيث شبه انقطاع الوحي
بالليل إذا سكن فاظلم ونزوله من جديد بالضحى والإشراق على قلب الرسول .
مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى(3) :
أي ما تركك و ما أبغضك الله وهو جواب القسم لان
وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى (4)  :
أي الدار الآخرة خيرا لك من هذه الدار
 وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى(5)
أي سيعطيك الله في الدار الآخرة ما يرضيك في أمتك وما اعد لك من الكرامة مثل
نهرالكوثر والقصور في الجنة وما ينبغي له من الأزواج والخدم وعدم دخول أهل
بيته النار . ثم يعدد الله نعمه على رسوله فيقول :
 أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى(6) : 
وذلك أن أبوه توفي وهو في بطن أمه ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب وهو عمره
ست سنين
 وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى(7)  :
أي ما كنت تدري ما الكتاب ولا الأيمان ,ومنهم من قال أن الرسول ضل في شعاب
مكة وهو صغير ثم رجع و قيل انه ضل مع عمه في طريق الشام وكان راكبا ناقة
في الليل فجاء إبليس - لعنة الله عليه - فعدل بها عن الطريق فجاء جبريل فنفخ
إبليس نفخة ذهب منها إلى الحبشة ثم عدل بالراحلة إلى الطريق حكاهما البغوى
 وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى(8)  :
أي كنت فقيرا ذا عيال فأغناك الله عمن سواه ، وقال قتادة الآيات الثلاث السابقة
كانت هذه منزلة الرسول قبل أن يبعثه الله عز وجل.
 فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ(9) :
كما كنت يا محمد يتيما فآواك فلا تذل وتنهر وتهن اليتيم بل زد على ذلك بان تحسن إليه وتتلطف به
 وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ(10)  :
كما كنت ضالا فهداك فلا تنهر السائل في العلم المسترشد و قال ابن إسحاق في
تفسيرالآية لا تكن جبارا متكبرا ولا فاحشا ولا فظا على الضعفاء من عباد الله 0
 وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ(11)  :
كما كنت فقيرا فأغناك الله فحدث بنعمة الله عليك كما جاء في الدعاء النبوي
( واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بها عليك قابليها أتمها علينا(
عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
) لا يشكر الله من لا يشكر الناس ( رواه الترمذى
وقال محمد ابن اسحق ما جاءك من الله من نعمة وكرامة من النبوة فحدث بها
واذكرها وادعوا إليها قال فجعل رسول الله يذكر ما انعم الله به من النبوة سرا إلى
من اطمئن من أهله وافترضت الصلاة عليه فصلى 0
انتهى التفسير

 والحمد الله