عطاء الله

 

من نعم الله علي الإنسان أن جعل علاقته بعباده علاقة مباشرة لا تحتاج إلى وسيط أو معين فالله قريب من عباده يجيب من يدعوه ولا يرد من يلجأ إليه لذا فالإنسان عندما يلجأ إلى خالقه.

مطالب دائما بأن يرفع حاجته إليه وحده فهو اعلم الناس بحاله. فإذا رفعها إلى من سواه فقد جانب طريق الصواب. لان من لا يرفع الضر عن نفسه كيف يرفع الضر عن غيره.

وليعلم المؤمن عند رفع حاجته أن ما يختاره له ربه هو خير لان الله لا يعطي إلا حسنا ولا يسدي إلا نفعا فهو بما ينفعه خبير وبما يضره عليم ولكن قصر البصر وقلة العلم تولع النفس بحب العاجل لظن المنفعة. ولكنه تناسي قوله تعالي "وعسي أن تحبوا" "وعسي أن تكرهوا" ما أيده الواقع من شر فيما نحب ومن خير فيما نكره.

فليرحل المؤمن بحاجته من عالم الأكوان إلى عالم مكون الأكوان فالمهاجر إلى الله سليم القلب خالص القصد. أما مهاجر الدنيا فليس له من هجرته إلا التعب.

وليلتمس المؤمن من الليل ساعاته. فالله يتجلى علي عباده كل ليلة سائلا إياهم متحببا إليهم بنعمة معطيا سائلهم غافرا لمستغفر هم.

فالنائمون ليس لهم من القسمة نصيب أما من اسهروا جفونهم في دعاء ربهم فقد فازوا بالنصيب الأوفر. فأسباب السماء موصلة إلى المطلوب والطريق سهل إلى المحبوب فلا تهرب ممن لا انفكاك لك عنه إلى من لا بقاء له معك "فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور".