كلما استجاب الناس لله والرسول .. أتصلح حالهم

 

 

اختص الله المؤمن بنظر ثاقب في أموره كلها فهو يدرك بواطن الأمور ولا يقف عند زخارفها وهكذا في أموره كلها بدءا من حياته التي تجري خلالها أحداث عمره وحتى يدخله الله جنات النعيم. فأدرك بأن هذه الحياة من أجل أن تكون مزرعة خير يجني ثمارها عند لقاء ربه فلابد أن يحصل منه استجابة لله وللرسول وأنه بدون هذه الاستجابة فلا حياة له وحياته المقصودة هنا هي الحياة الحقيقية التي يستشعر طعمها ويتذوق لذتها وإلا فحياته في الدنيا لا طعم لها ولا لون وهي حياة يشترك فيها مع الإنسان غيره من الحيوان.
الذين يستجيبون لله والرسول هم الأحياء ظاهرا وباطنا وهما لمستمتعين بحياتهم فهم أحياء وإن ماتوا بخلاف من خالف سيرهم تحسبهم أحياء أبدان وهم في الحقيقة أموات. وعلي قدر استجابة الناس لله ورسوله يكون صلاح حياتهم ومن فاته من الاستجابة جزء فقد فقد من حياته قدرا قلما يدركه.

وحين يدعونا المولي سبحانه وتعالي للاستجابة لأوامره وأوامر رسوله فإنما يدعونا لما يحينا حيث قال سبحانه "يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم" فقد دعاهم صلي الله عليه وسلم إلي ما يحيهم وذلك بأن يجاهدوا في سبيل إعلاء كلمة الله وإثبات قواتهم حتى لا يتكالب عليهم غيرهم من ثعالب الكفر وذئابه فإذا هم عاشوا فرحوا بنصر الله وإن استشهدوا فالجزاء الحسن والنعيم المخلد في جنات وعيون. حيث حياة كلها صفح وغفران ورب عليهم غير غضبان. حقق لهم أمانيهم. واستجاب لمطالبهم وأسبغ عليهم رضوانه فلا يسخط عليهم أبدا. وعطاء غير مجذوذ وفواكه كثيرة لامقطوعة ولا ممنوعة.

عاش الصالحون حياة ظاهرها تعذيب الأجساد بلبس الخشن من الثياب وأكل الجاف من الطعام ولكنهم نفذوا إلي ما وراء الحدود الظاهرة وتعدوا أسوار الحجب حيث حقيقة الحقائق فصار نظرهم للذهب والحجر متساويا فكل منهما لربه مسبح. ولا يهتم بتقييم أموالهم قدر اهتمامه بحصر حسناته وسيئاته فوقفوا في شموخ وعزة يفتخرون بثياب ممزقة وشعور شعث بأنهم لو أقسموا علي ربهم لاستجاب لهم وقد كان لهم ما أرادوا فتعجب لحالهم من لم يبلغ مداهم فرد عليه واحد منهم بقوله: نحن في سعادة لو علمت بها الملوك لحاربتنا عليها بالسيوف.