أفضال رمضان
بقلم : رجاء شعير
كان رمضان معظما في الجاهلية أثيرا لدي بطون قريش الذين كانوا يتعبدون في غار حراء في شهر رمضان ـ وكان عليه الصلاة والسلام قبل البعثة يتعبد فيه. ويقول الأستاذ علي الجندي في كتابه قرة العين في رمضان والعيدين أما في الإسلام فلشهر رمضان فضل علي سائر الشهور, شهد بذلك الكتاب والسنة ـ ففيه
نزل القرآن الكريم وخص بليلة القدر لقول الله تعالي :
] شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان [
فهو الشهر الوحيد الذي شرفه الله تعالي بالذكر في الذكر الحكيم.
فمن الأحاديث القدسية: ما رواه أبو هريرة, قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
( قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فانه لي ) 0
ومعني : فانه لي أي خالص لي لا يطلع عليه أحد غيري ولاحظ فيه للنفس, وفيه كسرها
وتعريضها للنقص والصبر علي حر العطش ومضض الجوع.
وقال الخطابي: معناه: الصوم عبادة خالصة, لا يستولي عليها الرياء والسمعة لأنه عمل بر لا يطلع عليه إلا الله, وذلك لان محلها القلب.
وقيل: معناه: أن الاستغناء عن الطعام والشراب من صفات الله تعالي ـ فانه يطعم ولا يطعم فكأنه قال: الصائم يتقرب إلى بآمر يتعلق بصفة من صفاتي وان صفاته تعالي ـ لا يشبهها شئ.
وفيه يقول الأمام الغزالي: الصوم إنما كان لله ومشرفا بالنسبة إليه وان كانت العبادات كلها له, كما شرف البيت بالنسبة الي نفسه: والأرض كلها له لمعنيين أحدهما: أن الصوم كف وتر, وهو في نفسه سر ليس فيه عمل يشاهد, وجميع أعمال الطاعات بمشهد من الخلق ومرأى, والصوم لا يراه إلا الله والثاني: انه قهر لعدو الله ـ عز وجل ـ فان وسيلة الشيطان ـ لعنه الله ـ الشهوات, وإنما تقوي الشهوات بالأكل والشرب ولذلك قال صلي الله عليه وسلم ـ إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجري الدم فضيقوا مجاريه بالجوع0
وجاء عن أبي يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة انه قال:( بلغنا أن الله تبارك وتعالي يقول لأوليائه يوم القيامة: يا أوليائي, طالما نظرت إليكم في الدنيا وقد قلصت شفاهكم عن الأشربة, وغارت أعينكم وجفت بطونكم! كونوا اليوم في نعيمكم, وتعاطوا الكأس فيما بينكم وكلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ) 0
ويقول ابن الجوزي في بستان الواعظين مثل الشهور الأثني عشر, كمثل أولاد يعقوب! وكما أن يوسف احب أولاد يعقوب إليه, كذلك رمضان احب الشهور إلى الله! وكما غفر لهم بدعوة واحد منهم وهو يوسف, كذلك يغفر الله ذنوب أحد عشر شهرا, ببركة رمضان.
روي عن قتادة انه كان يقول: من لم
يغفر له في شهر رمضان فلن يغفر له في غيره.
خطب رسول الله صلي الله عليه
وسلم المسلمين في اليوم الأخير من شهر شعبان ذات عام من حياته. شرح في هذه الخطبة
فضائل شهر الصيام. وفضائل الأعمال فيه. وحث أصحابه علي الالتزام بها. وهو توجيه
للأمة كلها إلي يوم الدين. جدير بكل مسلم أن يحفظها ويعمل بما فيها والخطبة رواها
الصحابي الجليل سلمان الفارسي. قال:
"يا أيها الناس.. قد أظلكم شهر عظيم
مبارك شهر فيه ليلة خير من ألف شهر. شهر جعل الله صيام نهاره فريضة. وقيام ليله
تطوعاً. من تقرب فيه بخصلة من الخير. كان كمن أدي فريضة فيما سواه. ومن أدي فيه
فريضة كان كمن أدي سبعين فريضة فيما سواه.
وهو شهر الصبر. والصبر ثوابه الجنة وشهر المواساة. وشهر يزاد فيه رزق المؤمن.
من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتقا لرقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء".
يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما علي تمرة أو علي شربة ماء. أو مذقة لبن.
وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.
واستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم وخصلتين لإغناء بكم عنهما.
فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم :
" فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه " .
وأما اللتان لا غناء ربكم عنهما:
" فتسألون الله الجنة وتعوذون به من النار " .
ومن سقي صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة".