زيادة العلم ..و المال

 

من علامات السعادة والفلاح أن العبد كلما زاد في علمه زاد في تواضعه ورحمته وكلما زاد في عمله زاد في خوفه وحذره وكلما زاد في عمره نقص من حرصه وكلما زاد في ماله زيد في سخائه وكلما زيد في قدره وجاهه زيد في قربه من الناس.
فالمؤمن يعمل دائما بأضداد الأشياء السيئة من أجل سعادة نفسه أولا وسعادة من حوله فهو كائن حي في مجتمع متكامل البنيان وبسعادة الفرد يسعد الجميع فالإسلام دائما دين بر ورفق وخير للبشرية والله سبحانه أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال لهم "كلوا من الطيبات واعملوا صالحا" ولينظر في أعمال سابقيه فيجتهد في الوصول إلي ما وصلوا إليه وليعلم علم اليقين بان من سار علي الدرب وصل ومن جد وجد ومن زرع حصد فلا ييئس إن ظن أن الوصول إلي مكانة السابقين أمر صعب المنال. فذات يوم قال رجل للحسن البصري إن قوما سبقونا علي خيل دهم ونحن علي حمر معقرة فقال له الحسن يا أخي أن سرت علي دربهم فما أسرع اللحاق بهم فهذا عبد مؤمن صحب الرسول يأتيه وحي السماء يخبره رضا ربه عنه ثم يسأله هل يبادل ربه الرضا فما أعجب بنفسه ولا دخل الكبر إلي عقله فيضل علي علم ولكن قال كيف لا أرضي وأنا أرجو رضاه لو كانت إحدى قدمي في الجنة والأخرى خارجها ما آمنت مكر الله. لأنه لو آمن مكر الله لكان خاسرا وهكذا في كل الأضداد الأخرى كلما زاد في عمله يزداد خوفه وحذره فيبكي أشد البكاء إذا ما صلي الليل ويختم ليلته بقوله "إلهي وسيدي غارت النجوم ونامت العيون وخلا كل حبيب بحبيبه إلهي وأنت حبيبي لا تحرمني من محبتك فما أقض مضجعي إلا حبك وما ألهب شوقي إلا قربك رضاك نعمة وقربك رحمة واقف ببابك منتظر في رحابك فلا تطرد من انقطعت به الأسباب ولا تدفع من علي بابك من دفعته جميع الأبواب يا أمل المنقطعين أقبلت ليلتي فأهنأ أم رددتها عليّ فاعزي نفسي ومن كمال سعادته أيضا انه كلما زاد في ماله زيد في سخائه ففي كل لحظة يردد قول الصالح الذي سئل عن كثرة بذله للمال قائلا عودت الناس العطاء فعودني ربي العطاء فأخشى أن اقطع عادتي فيقطع هو عادته.