الصدق أفضل مهما اشتد الموقف
في أشد المواقف يكون الصدق منجاة لصاحبه. وفي تراثنا الإسلامي كثير من الأمثلة. وهي دليل أخلاقي عن أمة الإسلام. كان الواحد منهم يتحرى الصدق في تقديم نفسه وفي حديثه إلي الآخرين مهما يظن أن في ذلك أضرارا به.
خطب بال رضي الله عنه لأخيه امرأة
قرشية ليتزوجها فقال لأهلها: نحن من قد عرفتم كنا عبدين فأعتقنا الله تعالي. وكنا
ضالين فهدانا الله تعالي وكنا فقيرين فأغنانا الله تعالي. وأنا أخطب إليكم "فلانة"
لأخي فإن تنكحوها له فالحمد لله تعالي. وان تردونا فالله أكبر فالله جل وعلا أكبر
من كل كبير. فإياكم والكبرياء فأقبل بعضهم علي بعض فقالوا: بال ممن عرفتم سابقته
وشاهده ومكانه من رسول الله صلي الله عليه وسلم فزوجوا أخاه فلما انصرفوا قال له
أخوه: يغفر الله لك.. أما كنت تذكر سوابقنا ومشاهدنا مع رسول الله صلي الله عليه
وسلم وتترك ماعدا ذلك؟ فقال اسكت صدقت. فأنكحك الصدق.
اتهم رجلان بالمؤامرة علي الحجاج أمير الكوفة فأودعا السجن ثم حضرا بين يديه لينالا
جزاءهما من العقاب فقال أحدهما: إن لي عليك حقا يا أمير المؤمنين فقال وماهوذاك؟
فقال له: دفعت عنك في مجلس يوم كذا. فأجابه الحجاج: إن هذه الدعوى تحتاج إلي بينة
فأين هي؟ فقال له الرجل : صاحبي هذا كان حاضرا بالمجلس. فقال له الحجاج. أحقا ما
يقول صاحبك فقال: نعم فقال له وهل دافعت أنت عنه كذلك؟ فقال: لا فقال ولم ذلك؟ فقال
له: لكراهيتي إياك. فعند ذلك قال الحجاج: قد عفوت عن الرجلين أما الأول فلحقه علينا
وأما الثاني فلصدقه.
الصدق للأبناء
قال اسماعيل بن عبيد الله: لما حضرت أبي الوفاة جمع بنيه فقال: بابني عليكم بتقوى الله وعليكم بالقرآن فتعاهدوه وعليكم بالصدق حتى لو قتل أحدكم قتيلا ثم سئل عنه أقاربه ووالله ما كذبت كذبة منذ قرأت القرآن
رجل تحت الخوص
لجأ هارب من أعدائه إلي سيدنا "علي الخواص رضي الله عنه" وطلب إليه أن يخفيه من أعدائه فقال له: نم هنا.
ثم ألقي عليه حزمة من الخوص فلما
أتى إليه أعداء الرجل وسألوا الخواص عنه. قال: هاهو تحت الخوص فظنوا انه يسخر منهم.
فتركوه ونجا الرجل من أيديهم ببركة الصدق..
ليس مجنونا
خطب الحجاج مرة : فطال. فقام رجل وقال: الصلاة. فإن الوقت لا ينتظرك والرب لا يعزرك فأمر بحبسه فأتاه قومه وقالوا:
إنه لمجنون وسألوه إخلاء سبيله. فقال الحجاج: إن أقر بالجنون أخليت سبيله وعفوت عنه فلما سمع الرجل ذلك قال:
لا أزعم أن الله ابتلاني وقد عافاني. فعفا عنه الحجاج لصدقه.