التحية بالسلام في القرآن الكريم

 

الإعجاز القرآني في تصوره للسلام والإسلام ترغيبا في قيمه السامية ومبادئه الإنسانية الراقية لذلك جاء لفظ السلام أكثر من ثمان وعشرين مرة في كل مرة تضيف قيما جديدة وأخلاقا ثرية كما جاء في الحديث الشريف أكثر من خمسة وستين حديثا شريفا صحيحا قال تعالي: "وعباد الرحمن الذين يمشون علي الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما".

هذه الآية الكريمة جمعت بين هذه القيم في إيجاز نبعت من خلال التصوير القرآن المعجز في دلالته اللفظة والتعبيرية والصور البلاغية فإضافة عباد إلي الرحمن "وعباد الرحمن" تعطي دلالات كثيرة فهم عباد ملتزمون بعبادة الخالق المتفضل عليهم بالخلق والإنعام والنعيم والهداية. فليسوا ملائكة معصومين ولا حيوانات لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل. ولم يشرفوا بالتكليف.

فعباد الرحمن يستسلمون لربهم السلام المؤمن في سلام. لا في عناد وحرب وعدوان وإضافة العباد إلي الرحمن تدل علي قيم السلام من الرحمة والمحبة والعطف والمودة. والإخاء والتعاون والتكافل. وغيرها من قيم الرحمن التي تتضاعف فيها أكثر من قيم الرحيم. قال تعالي: "فإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم علي نفسه الرحمة إنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم". وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا. ولا تؤمنوا حتى تجابوا ألا أدلكم علي شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم" رواه مسلم.

وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "إن أولي الناس بالله من بدأهم بالسلام" رواه أبوداود وقال أيضا صلي الله عليه وسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه: "السلام اسم من أسماء الله تعالي وضعه. فأفشوه بينكم. فإن الرجل المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم فردوا كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم فإن لم يردوا عليه. رد عليه من هو خير منهم وأطيب" رواه الطبراني والبزار.

وتصور الآية القرآنية أيضا للتواضع واللين والرقة. وهي من قيم السلام في قوله تعالي "يمشون علي الأرض هونا". فهي تحذر من التمرد والتجبر والعدوان والحرب. وتحذر أيضا من المجاهرة بالعصيان والإفساد في الأرض. فعباد الله الرحمن متواضعون مسالمون ومحايدون متآخون. لا متكبرون مجاهرون. ولا متعالون أنانيون. وفي الحديث الشريف عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ قال: "تطعم الطعام وتقرأ السلام علي من عرفت ومن لم تعرف" رواه البخاري. وتصور الآية الكريمة أيضا عباد الرحمن بأنهم أهل السلام يفشون السلام بين الناس. حتى مع الذين يكرهون ذلك من الجاهلين. الذين لا يتعاملون بالسلام مع غيرهم كما في قوله تعالي: "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" فالمسلم لا يعرف قلبه الحقد. ولا البغضاء والكراهية. بل قلبه مملوء بالحب والتآخي. قال تعالي: "أولئك: يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين". وغير ذلك من قيم السلام في الإسلام. التي تملأ القلوب بالأمن والأمان. وتقاوم العداوة والبغضاء. وتبدد الخصومة والمنافرة. فالسلام تحية المؤمنين في الجنة وفي الآخرة وتحية أهل الإسلام في الدنيا. والبخل بالسلام في الإسلام أشد من البخل بالمال قال تعالي: "تحيتهم يوم يلقونه سلام".