الاعتماد على الله
من أدب العبد مع ربه تركه تدبير الأمور إليه فهو آخذ بالأسباب مع اعتماده علي مسبب الأسباب وما يأتيه من خوف أو رجاء أو صحة أو سقم فمن الله لأنه المتفرد بالاختيار والتدبير ولا يجد العبد تدبيرا خيرا له من تدبير سيده فهو أرحم به من نفسه وأبر به منها. وعندما يعلم ذلك فإنه لا يتقدم بين يدي تدبير سيده سبحانه وتعالي خطوة ولا يتأخر عنه. ملق بنفسه بين يديه ومسلم أمره إليه منطرح انطراح عبد ضعيف مملوك بين يدي ملك عزيز قاهر له التصرف في عبده بكل ما يشاء فيستريح حينئذ من الهموم والغموم والانكاد. فإنه قد حمل حاجته لمن لا يكترث بحملها فتولاها دونه وأراه لطفه وبره ورحمته وإحسانه فيها من غير تعب ولانصب فليس هناك افضل ممن اعتمد علي ربه بتوكيل آمره إليه وتفرغه لطاعته وعبادته.
تكفل الله لمن فرغ قلبه من مشاكل
الدنيا وهمومها وجعل همه الأول طاعة ربه بان يحمل تبعات أمره ويعينه فمن توكل علي
الله فهو حسبه ومن استكفي به كفاه.
إذا أبي العبد إلا تدبير أمر نفسه واختياره لها واهتمامه بحظه الدنيوي دون حق ربه
فإنه يترك وما اختار فيصيبه الخوف والنصب وكسوف البال وكدر الحال. فلا قلب يصفو ولا
عمل يزكو ولا أمل يحصل ولا راحة يفوز بها ولا لذة يظفر منها بأمل ليتزود منها
لمعاد.
أمر الله عبده بأمر وضمن له ضمانا فإن قام بأمره من الصدق والإخلاص والنصح والاجتهاد. فإن الله يوفي له بما ضمن من الرزق والكفاية والنصر وقضاء الحوائج فمن اعتمد علي نفسه قل وعلي غيره ذل وعلي ماله اختل ومن اعتمد علي ربه فلا قل ولا ذل ولا اختل.